أخبار جهوية

والي جهة بني ملال يضع اللبنات الكبرى للحد من ظاهرة البنائي العشوائي ببني ملال

بقلم سعيد فالق

تختنق مدينة بني ملال في مشهد درامي وسط أحزمة البناء العشوائي التي تتراءى من بعيد، وهي تجثم على صدر المدينة التي تعيش وضعا غير طبيعي، بعد أن أطلقت النوايا الفاسدة الأيدي لبناء منازل في مناطق ومحميات محرمة، واجتثاث الأشجار التي كانت تقي ساكنة المدينة من قيظ الشمس اللافح ومن آثار الرياح القوية التي تزعج أبناء المدينة بين الفينة والأخرى واكتساح أراضي غير مجهزة، ما نتج عنه انتشار أحزمة البؤس التي لا تخضع بطبيعة الحال، لأي ضوابط عمرانية أو هندسة  ناجمة عن سياسة المدينة.

يجمع فاعلون جمعيون وحقوقيون، أن خطورة ظاهرة البناء العشوائي ببني ملال تساهم في نشوء أحياء سكنية، تفتقر إلى أدنى مواصفات السكن اللائق، على سبيل الذكر لا الحصر، نجد حي اوربيع، دوار بلغازي، منطقة أدوز، دوار جغو، إنها أحياء مصنفة في خانة الأحياء السفلى التي تفقتد إلى الشروط الضرورية لحياة كريمة للساكنة، من طرق وماء وكهرباء وصرف صحي، فضلا عن تجهيزات عمومية كالمدارس والمستشفيات والساحات العمومية والمرافق الرياضية وغيرها من المرافق،  ناهيك عن توافد جحافل من القاطنين المهاجرين من قرى نائية تستقطبهم هذه المناطق التي تتحكم فيها لوبيات العقار التي تغري المحرومين من السكن لاقتناء منتوج سكني يتحول إلى نقمة بعد تكون تجمعات سكنية تصبح عائقا أمام تنمية المدينة ما يطرح مشاكل تنجم عنها أنشطة متنوعة غير مهيكلة، تتخلص من أية مراقبة أو تنظيم، وبالتالي تبرز مشاكل جديدة تحول دون تحقيق النتائج  التي تكرس لها مجهودات للتخلص من السكن غير اللائق، وتؤدي في غالب الأحيان إلى بروز مشاكل تصرف نظر المسؤولين عن تفعيل مخططات السكن  التي تساهم في تنمية المدينة.

ورغم المبادرات المحتشمة التي بدرت عن المسؤولين الجهويين الذين تعاقبوا على تسيير المدينة، لم تحد قرارات عمال وولاة الجهة السابقين من نزيف المدينة التي أصبحت تتخبط في معمعان مشاكل تنامت بفعل تواطؤ بعض المنتخبين ولوبي العقار الذي راكم الأموال الطائلة، وتمكن من تمرير مخططات مدمرة لمستقبل المدينة في جنح الظلام،  ووعيا منه بخطورة الوضع الذي اصبح يستدعي قبل أي وقت مضى التدخل للتصدي والحد من آثار ظاهرة البناء العشوائي، بادر خطيب الهبيل والي جهة بني ملال خنيفرة وعامل إقليم بني ملال باتخاذ عدة تدابير وإجراءات زجرية، فور تنصيب على رأس ولاية بني ملال، وسارع إلى تشخيص الحالة الراهنة برصد جميع الاختلالات التي تشوب ميدان التعمير والبناء، وشرع في عقد اجتماعات مكثفة مع كافة الفاعلين والمتدخلين المعنيين، لتدارس المشاكل العمران  واقتراح مجموعة من الإجراءات لإيقاف النزيف بتنسيق مع كل الفرقاء المتدخلين والمجالس المنتخبة المعنية.

وللحد من ظاهر الترييف التي أصبحت تؤثث مشاهد المدينة، ورصد الخروقات العمرانية التي تخطئها عين الرائي، نظمت مصالح الولاية خرجات ميدانية للوقوف عن قرب عن الواقع العمراني المشوه والمشاكل التي أفرزتها ظاهرة البناء العشوائي ما أفرز تشكيل لجن اليقظة المكلفة بمراقبة المخالفات في مجال التعمير والبناء تضم ممثلين عن كل القطاعات المعنية، عهد لها السهر وتتبع الوضع عن قرب لاتخاذ الإجراءات القانونية ف حق المخالفين للحد من ظاهرة البناء العشوائي، التي يستغلها لوبيات العقار لكسب مزيد من الثروة، طبعا بتواطؤ مع منتخبين وبعض الموظفين الذي يسارعون إلى تقديم رخص البناء رغم الشكوك التي تحوم حول مجموعة من المضاربين العقاريين الذين لا يغادرون مكاتب الجماعات القروية والحضرية إلا بعد حصولهم على الوثائق المطلوبة.

 

وتفعيلا للإجراءات الإدارية الزجرية، حث والي الجهة عبر تسطير رسائل ودوريات موجهة لجميع المسؤولين المعنيين بمحاربة البناء العشوائي، على مضاعفة الجهود للحيلولة دون انتشار ظاهرة البناء العشوائي، واتخاذ جميع الإجراءات القانونية الضرورية لتقويم الاختلالات المرتبطة بها،  ودعا الى تشديد المراقبة وإعطاء الأهمية القصوى لتنفيذ مقتضيات القانون رقم 12-66 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير، كما شدد على مباشرة الإجراءات القانونية،طبقا لمقتضيات القانون رقم 90-25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، في حق المخالفين في ميدان التعمير كالتجزئ السري وتقسيم العقارات دون احترام المسطرة القانونية الجاري بها العمل في هذا الباب.

 

وحثت المراسلات والقرارات العاملية رجال السلطة على العمل على إفراغ وإزالة جميع الأماكن التي يختارها المضاربون العقاريون ومساعديهم لمزاولة أنشطة بيع مواد البناء بصفة غير قانونية، سيما تلك المنتشرة على جنبات الطرق والشوارع بما فيها تلك التي تعرض للبيع بواسطة الشاحنات، كما حثت رؤساء الجماعات المعنية على سحب رخص هذه الأنشطة غير القانونية، طبقا للفصل 145 من الدستور الجديد للمملكة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 91.11.1 بتاريخ 29 يوليوز 2011، وكذا حرصا على التطبيق السليم للمساطر القانونية المعمول بها في هذا الشأن وخاصة المادة 100 من القانون التنظيمي الجديد للجماعات.

ولتقويم الاختلالات المتمثلة في ظاهرة إبرام العقود والوكالات غير القانونية المتعلقة بعمليات البيع والايجار والقسمة في ميدان التعمير، دعا والي الجهة رؤساء المجالس الجماعية الى التقيد بالمقتضيات القانونية المتعلقة بتصحيح الإمضاءات والإشهاد على مطابقة النسخ لأصولها الخاصة، بإبرام عقود البيع والايجار والوكالات والقسمة في ميدان التعمير، خاصة الفصل 04 من الظهير الشريف الصادر في 27 ابريل 1919 المنظم لأراضي الجموع، والذي ينص على أن الأخيرة لا يمكنها أن تكون موضوع بيع أو حجز أو تقادم إلا إذا تعلق الأمر بالدولة أو الجماعات الترابية أو الهيآت النيابية والذي بناء عليه لا يجوز لرؤساء المجالس الجماعية بتاتا الإشهاد على صحة عقود بيع أو إيجار أو قسمة هذا الصنف من الأراضي.

كما شددت دوريات الوالي، الذي أخذ على عاتقه محاربة البناء العشوائي، الأخذ خذ بعين الاعتبار معيار الاختصاص الترابي لكل جماعة أو ملحقة إدارية، بل يجب على المكاتب المكلفة بمهمة الإشهاد على مطابقة النسخ لأصولها وتصحيح الإمضاءات الخاصة بعقود البيع والإيجار والوكالات والقسمة، ألا تصادق على الوثائق التي يكون موضوعها يتعلق بممتلكات أو عقارات غير تابعة لنفوذها الترابي.

وتفعيلا للإجراءات المتخذة، تمت مباشرة عملية هدم مجموعة من البنايات العشوائية بدوار عين الغازي، على أن يتم تعميم العملية لتشمل كل الاحياء التي تعرف تنامي البناء العشوائي ما خلف ارتياحا لدى كل الفاعلين الجمعويين والحقوقيين الذين كانت حناجرهم تندد، منذ مدة، بما كانت يخطط للمدينة من تدمير منهجي، واستغلال النفوذ من قبل محظوظين رمى بهم القدر إلى تحمل المسؤولية لكن دون أن يؤدوها باحترام القانون، وزجر المخالفين ما  فتح الباب على مصراعيه أمام مضربين عقاريين تحولوا بقدرة قادر إلى أغنياء يملكون المال والسلطة، بعد أن فتحت أمامهم أبواب الاستغلال، وشرعوا في تجريء عقارات ومناطق تفتقر إلى مواصفات السكن اللائق، وخلقوا مشاكل عمرانية للمدينة التي انتقل منها البناء العشوائي من الدير إلى الجبل الذي أصبح يئن من أطماع وجشع المضاربين الذين أفسدوا جمالية المدينة التي أصبحت تحت رحمة مضاربين عقاريين أفسدوا البر والبحر دون أنن يطولهم العقاب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى