أخبار جهوية

الصهد في بني ملال يضبط إيقاع حياة الأسر ويحول حياتهم إلى جحيم

لا حديث في بني ملال إلا على ” الصهد” وعن تأثيراته السلبية على حياة المواطنين الذين تحولت منازلهم إلى أفران يكتوي بنارها الأطفال الصغار والشيوخ الذين يتضورون ألما بفعل درجات الحرارة المرتفعة التي أبت الهبوط عن سقف 40 درجة ليلا.
 تنتظر الأسر أن يسدل الليل أستاره على أرجاء المدينة، لعلهم يقتنصون  لحظة أمل تعيد لهم السكينة في ظل هذه الأجواء القائظة لكن النوم يجافي عيونهم لأن أجسادهم المنهكة تتصبب فيسرحون في المدينة بحثا عن نسمة برد شاردة تنعش أرواحهم المنهكة.
يبحث الأطفال والشباب عن مسابح مائية بعد اختناق أنفاسهم وأرواحهم أملا في استراق لحظات ممتعة توفرها المياه الباردة المتدفقة من منابع عين أسردون تمد شرايين المدينة  بالكميات المطلوبة التي تستعمل في أغراض شتى، لكن يصابون بخيبة أمل كبيرة عندما يصطدمون بوجود مسبح بلدي بئيس لا تتوفر فيها أدنى الشروط التي تستجيب لحاجيات أطفال وشباب المدينة الذين يهربون إلى المجاري المائية والأودية التي تفتك بأرواحهم في ظل غياب شروط السلامة والأمان لوجده خار المدينة وفي أماكن تعرض حياة المصطافين للخطر.
رغم النداءات المتكررة لفاعلين جمعويين لاستصلاح ما تبقى من المسبح الوحيد الذي تم تفويته بطرق حربائية إلى خواص فرضوا قوانينهم الخاصة على الأطفال الذين مازالوا يعلقون الأمل للاستفادة من مياه المسبح لوجوده وسط المدينة وعلى مسافة غير بعيدة من التجمعات السكنية ما يبعد الأوهام والأفكار السلبية عن أذهان الآباء الذين يتخوفون على فلذات أكبادهم، لكن لا يقضي الراغبون في السباحة إلا سويعات قليلة يضطرون خلالها للانصراف تاركين الفرصة لجحافل من الأطفال ينتظرون دورهم للعوم وإطفاء لهيب النيرات التي تشتعل بدواخلهم.
لا يكفي فضاء المسبح الوحيد الذي يتهافت عليه الأطفال المتحدرون من الطبقات الشعبية، سيما أن أعدادا منهم تنتظر دورها للفوز بسويعات قليلة سرعان ما تتبخر ليجد الحالمون أنفسهم خارج أسوار المسبح، وفي مواجهة غير متكافئة مع حرارة الشمس القائظة التي تكوي جلودهم، ليغيروا بعدها وجهتهم إلى شلالات عين أسردون التي يتناثر منها رذاذ يستهوي زوار المنتجع الذين يجتمعون حول الشلال للاستمتاع بدفء الرطوبة المنبعثة من المياه المتساقطة من أعلى.
يقفز أطفال تستهويهم السباحة نحو الشلالات الصغيرة المتولدة من صبيب المياه المنسابة من السواقي المنبثقة عن المجرى المائي لشلال عين أسردون، أملا في الهروب من جحيم الحرارة المفرطة و تعويض متعة قضاء فترة أطول في مياه المسبح الوحيد الذي وضعت له سيناريوهات لتحويله إلى عقار يضم مجمعا سكنيا، لكن باءت كل المحاولات بالفشل.
يشد شباب آخرون الرحال إلى القنوات المائية القريبة من مدينة بني ملال لإطفاء لهيب النار الذي يكوي أجسادهم، ورغم المخاطر التي تحف رحلاتهم ذهابا وإيابا، يغامر الشباب بأرواحهم للاستمتاع ببرودة المياه الباردة بالقناة، لكن تنتهي أحيانا رحلاتهم الجماعية بمآسي ناجمة عن غرق ضحايا في مياه القناة، لتأخر وصول رجال الإنقاذ وغياب آليات ومعدات  لحماية أرواح السباحين الذين يتعرضون لمخاطر مفاجئة غالبا ما تنتهي بمآسي يتلظى بنارها أفراد الأسرة المفجوعة.
وكان آخر ضحايا القنوات المائية الممتدة عبر تراب جهة بني ملال، طفل في الثامنة من العمر، كان لقي مصرعه غرقا ظهر يوم الأربعاء الماضي بوادي العبيد، يقطن بداور أوهكو التابع للجماعة القروية أرفالة بإقليم أزيلال.
وأفادت مصادر مطلعة، أن الضحية توجه إلى الوادي بغرض السباحة رفقة بعض أبناء القرية هربا من أجواء الحرارة المفرطة التي تخيم على المنطقة منذ أيام، وارتمى في المياه الباردة لكن لم يتمكن من الخروج  منها بعد أن علقت قدماه في الوحل الذي يؤثت قعر الوادي.وتم انتشال جثة الهالك ونقلها إلى مستودع الأموات بالمركز الاستشفائي الجهوي لبني ملال قصد التشريح وتحديد أسباب الوفاة، فيما فتحت عناصر الدرك الملكي بمركز امداحن تحقيقا في الموضوع.
وتحدثت مصادر متطابقة عن ارتفاع  ضحايا “الصهد”  بجهة بني ملال والذين يلقون حتفهم غرقا بالقنوات المائية والوديان بجهة بني ملال فضلا عن شلالات أوزود وبحيرة بين الويدان، إذ ارتفع “شهداء الصهد” إلى 20 ضحية منذ مطلع شهر ماي الماضيما يتطلب تحركا سريعا للمسؤولين بالجهة لإيجاد حلول تبعد شبح الموت عن شباب المنطقة ووضع استراتيجية توفر مسابح للراغبين في السباحة.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى