الفساد الجمعوي يفرخ كائنات تغتني على حساب معاناة الكادحين
متابعة: عزيز رتاب
الفساد الجمعوي يفرخ كائنات تغتني على حساب معاناة الكادحين
جمعية حازت ما يقارب 20 مليون سنتيم بإسم المبادرة الوطنية
إذا كانت بعض مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في جماعة أفورار، قد حققت أهدافها ودبرت اعتماداتها بحكامة يعكسها واقع حالها وما أنجز على أرض الواقع. وإذا كان جلالة الملك محمد السادس يحرص على صرف أموال المبادرة في مجالاتها الحقيقية بهدف تنمية الإنسان، وإذا كانت بعض الجمعيات قد أبانت عن مدي قدرتها على استمرارية مشاريعها وصيانتها وتحقيق الأهداف المسطرة في ملفها، كحال مشروع الحديقة العمومية الذي يعكس بحق الحكامة التي ينبغي أن تدبر بها أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فإن الدعم الذي يتم تقديمه للجمعيات أسال لعاب بعض المفسدين الذين يختبئون وراء دفة العمل الجمعوي، ما دفعهم إلى تأسيس جمعيات، طبخت دراسات وهمية، للسطو على الاعتمادات المالية، بل ذهب الأمر بإحدى الجمعيات إلى تقديم مشروع وهمي، وسلك سبل التحايل للاستيلاء على الأموال بطرق ملتوية، ما أضر بالهدف النبيل للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
أكيد، أن ذاكرة العمل الجمعوي بجماعة أفورار، ستحتفظ بسجل سيئ لكائنات انتخابية أفسدت العمل الجمعوي وكذا الممارسة السياسية. وأشير هنا إلى جمعية حي اللوز التي استنزفت أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من خلال وضع مشروع وهمي اختفت تجهيزاته التي كانت عبارة عن دراجات نارية وحاويات وحافظات للسمك، لم يظهر لها أثر بعد أسبوع لتأخذ وجهة ومصيرا مجهولين، وتبين بعد ذلك أن المستفيدين ليسوا سوى أسماء وهمية وضعت للتحايل على فارق السعر المدعم من طرف أموال الدولة والمبادرة الوطنية، لإعادة بيع التجهيزات وتحويله للجيوب بتواطؤ مفضوح مع الفاعلين الحقيقيين، ماحرم من هم في أمس الحاجة للتجهيزات ، وهم تجار سمك بحيرة بين الويدان.
استرزاق وفساد جمعوي تجسد في المصير والوجهة غير السليمة التي تأخذها الهبات المتعددة، سيما تلك التي كنت تنعم بها مصالح محجوزات الجمارك من ملابس وأحذية ودراجات هوائية لجمعية اللوز التي يتم انتقاء أجودها لموظفين وأبنائهم من أصحاب الولاء الحزبي،. ولعل ما يؤكد بجلاء هذا الفساد قصة ذاع صيتها في أفورار، بعد أن انتزع أحد الأبناء دراجة سلمت لابن موظف ينعم في الفساد حتى النخاع، بدل إعطائها لمن هم أمس الحاجة إليها من أبناء فقراء الدواوير المتمدرسين، والغريب في الأمر، أن الأب لم يحرك ساكنا، بعد أن نصحه مريدوه بالتزام الصمت مخافة افتضاح أمرهم.
وفي حي النصر بذات الجماعة، يوجد مشروع حديقة لألعاب لجمعية، أريد له أن يكون تنظيما موازيا ذيليا لحزب كان ضمن الأغلبية المسيرة للجماعة، ممول من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لم يكتب له أن يفتح أبوابه مند انتهاء أشغاله قبل أزيد من عقد من الزمن، وبالتالي لم يحقق أي من أهدافه المسطرة في دراساته الصورية الملمعة على الورق.
لكن هذا اللمعان سرعان ما ذبل، وانكشف على أرض الواقع، الذي يوحي بحديقة لا تحمل في تهيئتها وتجهيزاتها ما يستهوي الطفل لممارسة حقه في اللعب ولو بالمجان. ورغم ذلك أراد لها أصحابها في دراستهم “التحايلية” على أموال المبادرة والعقار الجماعي أن يلج أطفال أفورار فضاءها بالمقابل .
هذا الفضاء الوحيد المتبقي، داخل الحي ظل مغلقا منذ أزيد من عقد في وجه الأطفال، ولم تفتح أبوابه إلا مؤخرا بعد أن تآكلت تجهيزاته وأصابتها الهشاشة، فمتى يرفع أصحاب المشروع الفاشل أياديهم عن هذا الفضاء لمبادرات أخرى عساها أن تبعث فيه الروح؟
ولعل الفضيحة المدوية التي سارت بها الركبان، أخيرا، وهي التي كانت سببا في إبعاد العامل السابق علي بوكناش الذي وزع أموال المباردة الوطنية للتنمية البشرية بإقليم أزيلال يمينا وشمالا وزاغ عن الطريق، لفائدة أشخاص يعرفون كيف تؤكل الكتف، واستطابوا الغنائم السهلة، إذ قدر العد الذي حازوه ب20 مليون سنتيم، بعدها راحوا ينظمون ما يسمونه دورات تكوينية لفائدة منتفعين من المال العام، ما يتنافى وروح المبادرة البشرية التي تستهدف تنمية الإنسان اجتماعيا، بإمداده بكل الوسائل لمواجهة صعوبات الحياة الصعبة، سيما في المناطق الجبلية التي يعاني فيها القاطنون في أعالي الجبال ظروفا صعبة، إذ تعزلهم التساقطات الثلجية عن العالم الخارجي في غياب موارد عيش قارة.
والمؤسف حقا، هو أن يتم هدر أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من طرف من استولوا عليها في ظروف غامضة، وصاروا يبذرونها في غياب مراقبة صارمة من قبل الجهات الوصية التي صمتت عن هذه الفضيحة التي تنبئ بنهاية مأساوية للعابثين بأموال الشعب التي تذهب هدرا، إن تفضل العامل الجديد بفتح تحقيق في الموضوع؟