حرارة مفرطة ببني ملال تصل حد الاختناق
توجست الأسر القاطنة بمدينة بني ملال والمناطق المجاورة لها من موجة الحرارة المفرطة التي اتخذت لها بعض التدابير الإجرائية لمواجهتها، بعدما ضربت المدينة نهاية الأسبوع الماضي، وارتفع مؤشر الحرارة إلى ما فوق 43 درجة.
وتزامن ارتفاع درجة الحرارة ببني ملال مع شهر الصيام الذي تنهك فيه أجساد الصائمين علما أن درجة الحرارة التي شلت الحركة التجارية بالمدينة، جاءت مصحوبة بموجة برياح الشركي القادمة من جهة الجنوب، ما نجم عنها لهيب قائظ يلفح الوجوه على مدى اليوم بكامله نهارا وليلا، وبالتالي تضاعفت محنة الصائمين الذي يصومون فترة طويلة تزيد من معاناتهم، سيما التجار وأصحاب الحرف الصغيرة الذين يضطرون لعرض سلعهم في الشوارع من أجل كسب قوتهم اليومي. كما تتضاعف معاناة سائقي سيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة لأن معظمهم ملزم بالعمل في ظروف صعبة.
ونظرا لمضاعفات موجة الحرارة على صحة المواطنين، اتخذت المندوبية الجهوية للصحة كافة الإجراءات والتدابير الاستعجالية اللازمة لمواجهة الآثار الصحية الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة بتفعيل نظام المداومة بالمؤسسات الصحية وتعبئة مهنيي الصحة من أطباء وممرضين وسيارات الإسعاف، فضلا عن إلى توفير الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة لتقديم العلاجات.
ورغم التحذيرات التي وجهتها وزارة الصحة للمواطنين بهدف تجنب مضاعفات موجة الحرارة التي تضرب منطقة تادلة، فإن فضول الأطفال والشباب ورغبتهم الجامحة في السباحة، في غياب مسابح تتوفر على المواصفات المطلوبة عبر تراب الجهة، دفعهم إلى ركوب المغامرة والانتقال إلى الأودية (الوادي الأخضر، المتنفس الوحيد) للاستلذاذ ببرودة الماء وإطفاء لهيب الحرارة الذي يلفح أجسادهم الطرية، وبالتالي فإنهم يتنقلون جماعات إلى الأودية غير المحروسة والتي تفتقد إلى أدنى شروط السلامة هروبا من موجة الحرارة المفرطة التي تضرب المنطقة،
في حين تفضل أسر بكاملها الاستمتاع بالبرودة التي تصبح عملة ناذرة، داخل الأسواق التجارية الكبرى التي تشد لها الرحال في منتصف النهار بعد ارتفاع درجة الحرارة أملا في تجنب مضاعفاتها، سيما أن المنازل تتحول إلى أفران تشوي أجساد الصغار والكبار معا في ظل غياب مكيفات الهواء التي تصبح ميزة خاصة لا تستفيد منها سوى الأسر ذات الدخل المرتفع، لأن متطلباتها تفوق حاجيات الأسر المعوزة.
ورغم المبادرة التي أقبل عليها مسؤولو المدينة، بإعادة فتح باب المسبح البلدي أمام عموم الأطفال والراغبين في السباحة هروبا من جحيم الحرارة، فإن الإقبال الكبير لأطفال المدينة على المسبح الوحيد يحول دون استفادة الجميع من خدماته ، في غياب مرافق صحية والمعالجة الدائمة للمياه المستعملة ما يشكل خطرا على صحة الأطفال.
وخلف ارتفاع الحرارة وسط المدينة أجواء خانقة، بل زاد هبوب الرياح المحملة بالأتربة من حالات الاختناق وصعوبة في التنفس لدى مجموعة من المواطنين الذين يعانون حالات مرضية مرضية لها صلة بمرض الربو وأمراض القلب و تصلب الشرايين سيما لدى الأطفال و الشيوخ ما يستدعي استنفار المصالح الصحية في مستعجلات المستشفى الجهوي ببني ملال لاستقبال ضحايا موجة الحرارة وتقديم الإسعافات الأولية الضرورية .
ونظرا لانعدام وسائل وفضاءات الترفيه بمدينة بني ملال، فضلا عن إقبار العديد من الفضاءات الخضراء والمنتزهات رغم وجود وفرة المياه المتدفقة عبثا، يفضل سكان المدينة بعد بلوغ درجة الحرارة أقصى حدودها تصل أحيانا إلى حالات اختناق حادة ، اللوذ إلى منتزه عين أسردون الذي يعتبر الفضاء الوحيد للهاربين من جحيم الحرارة ما يؤدي إلى ازدحام الطرق المؤدية إليه، ويساهم في عرقلة السير أحيانا، لكن الإصلاحات الأخيرة للمنتزة خففت من حدة الاختناق الذي كان يعرفه مصطاف عين أسردون بعد أن استولى على جنباته وسواقيه أشخاص حولوا فضاءاته إلى محطات لغسل السيارات ما أضر بجمالية المنتزه.