ثقافة وفن

محمد وقيدي: وجود الفلسفة مرتبط بالحوار الفكري الشامل، وأن الفلسفة لا يمكن أن توجد في مجتمع خال من الحرية الفكرية

نظرا للعلاقة التي جمعت الراحل الدكتور محمد وقيدي بنادي الصحافة الوطنية ببني ملال، الذي استضافه في مناسبة سابقة، وعاش مع أعضاء النادي وضيوفهم لحظات فكرية مشرقة، فإن الراحل ظل مدينا لنا بهذه الورقة الفكرية التي تضيء جوانب من حياته العملية والفكرية والتي لم تمنعه من الدفاع عن مواقفه الفلسفية وضعيته الصحية… إذ رغم الوهن الجسدي الذي بدا عليه منذ أكثر من عقد من الزمن ظل محمد وقيدي مهووسا بسؤال الابستمولوجيا العربية التي دافع عن وجودها رغم أن الشروط الذاتية والموضوعية في العالم العربي الذي لم يوفر أجواء الفكر الفلسفي القائم على الجرأة والموقف الفلسفيين.

فقد المغرب يوم أمس الجمعة 7 غشت 2020، هرما من أهرام الفكر والفلسفة، يتعلق الأمر بالمفكر محمد الوقيدي، الذي أغنى الخزانة المغربية والعربية بالعديد من الأعمال التيرسمت أفقا جديدا للابستيمولجيا وللمفكرين العربيين.

ويعتبر محمد وقيدي هو أهم المختصين العرب القلائل بفلسفة العلوم أو ما يطلق عليه بالإبستمولوجيا. وقد صدرت له عدة كتب عن هذا الموضوع. وفي كتاباته العديدة يتناول عدة موضوعات متقاربة ومختلفة من مثل: الفلسفة والحوار، شروط الحوار الفلسفي في المغرب، الفكر الفلسفي في المغرب بين الإتباع والتأثر والتجديد، جرأة الموقف الفلسفي، الخ…

وبؤكد وقيدي في حواراته المتعدد مع مختلف المنابر بأن وجود الفلسفة مرتبط بالحوار الفكري الشامل، وأن الفلسفة لا يمكن أن توجد في مجتمع خال من الحرية الفكرية.

و يميل إلى المطابقة بين الفلسفة والإبستمولوجيا أو فلسفة العلوم. ولكننا نعلم أن هناك فلسفات كبرى ظهرت على هامش العلم أو بعيداً عنه. إنها فلسفات مرتبطة بالعلوم الإنسانية أو بالثورات الأخلاقية والروحية. نضرب عليها مثلاً فلسفة جان جاك روسو مثلاً، أو حتى كارل ماركس. مهما يكن من أمر فإن الفلسفة هي في حالة حوار دائم، سواء مع الفكر المعاصر لها أو السابق لها.

بهذا المعنى فإن ديكارت كان يحاور أرسطو حتى وهو ينهض ضده أو يحدث القطيعة معه. وقل الأمر ذاته عن لوك، وهيوم، وكانط، وهوسيرل، وباشلار، ومحمد عزيز الحبابي… فهؤلاء أيضاً حاوروا ديكارت مؤسس الفلسفة الحديثة بشكل صريح أو ضمني على مدار أعمالهم وبحوثهم.

ويقسِّم المؤلف المجالات الفلسفية المطروحة في المغرب إلى عدة أنواع، نذكر من بينها الفلسفة الإسلامية ومذاهبها وتاريخها والتراث العربي ـ الإسلامي بصفة عامة. وهناك أيضاً الفكر العربي المعاصر، ثم الفلسفة الأوروبية المعاصرة باتجاهاتها المختلفة ذات النزعة الإنسانية أو التي تنتقد هذه النزعة. وهناك أيضاً مؤلفات تتعلق بالفكر المغربي في القرن التاسع عشر وبداية هذا القرن.

وهناك مؤلفات تتعلق بالإبستمولوجيا وتاريخ العلوم، والمنطق، الخ… ثم يدعو إلى إقامة حوار حقيقي بين فلاسفة كل هذه الاتجاهات. ويتحدث الدكتور الوقيدي بعدئذ عن مدى إبداعية أو تبعية الفلاسفة المغاربة المعاصرين.

ويقول أن ما نلاحظه هو أن الفكر الفلسفي في المغرب مشدود بكيفية متوترة إلى مصدرين أساسيين هما: التراث الفلسفي الإسلامي، والتراث الفلسفي الأوروبي بشقيه الحديث والمعاصر. ولكن هذا الكلام ينطبق على معظم فلاسفة العرب إن لم يكن كلهم. الفرق الوحيد هو أن المرجعية الأجنبية لفلاسفة المغرب هي فرنسية أساساً، في حين أنها إنجليزية أو فرنسية بدرجة أقل بالنسبة للمشارقة. ثم يستعرض المؤلف فلاسفة المغرب المعاصرين ومرجعياتهم مبتدئاً بالحبابي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. تنبيه: u31

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى