أخبار جهوية

ربورتاج :«العين الإخبارية» تروي التفاصيل الكاملة لمأساة ساكنة «القراقب» جراء الفيضانات الأخيرة

نفوق للماشية و خراب في التجهيزات و زيارة رئيس المجلس الاقليمي لبني ملال تعيد الأمل

 

العين الإخبارية/عادل المحبوبي

مأساة غير مسبوقة عاشت على وقعها ساكنة اقليم بني ملال تزامنا مع الأمطار العاصفية التي شهدها الإقليم خلال منتصف الاسبوع الماضي ،و التي تسببت في فيضانات على مستوى بعض الأودية و المجاري سواء داخل مدينة بني ملال ،أو المناطق المجاورة ،التي عاشت ساكنتها حالة من الرعب و الفزع الشديدين ،الأمر الذي جعلها تقف مكتوفة الايادي في مواجهة غضب الطبيعة.
من بين اكثر المناطق تضررا ،خلال نفس الفترة ، دوار القراقب بجماعة سيدي جابر باقليم بني ملال ،الذي عرف حالة استثنائية بكل ما تحمله الكلمة ،بعد أن غمرت المياه عددا كبيرا من مداشر الدوار ،و معها العشرات من المنازل ،التي فقدت في ساعات قليلة ،جميع محتوياتها ،الامر الذي زاد من معاناة الساكنة التي تعيش أصلا على وقع فقر و عوز منقطعي النظير ،في ظل إهمال ممنهج من المسؤولين عن تدبير الشأن العام المحلي إزاء وضعيتهم.

العودة الى الصفر
«رجعنا للزيرو» ،بهذا التعبير المجازي المأساوي وصف أحد ساكنة دوار القراقب ،وضعيته بمعيّة ساكنة المنطقة بعد الفيضان الذي ضرب المنطقة ، حيث وجدوا أنفسهم وهم في خضم احصاء خسائرهم ،يعودون الى نقطة الصفر ،بعد أن ضاعت أغلب مدخراتهم التي ناضلوا و عانوا لسنوات طوال من أجل توفيرها ل «دواير الزمان» ،مدخرات هي في أغلب الأحيان متعلقة بأموال بسيطة و مواشي و أبقار و دواجن ،نفقت أغلبها غرقا ،أمام مرآى أصحابها ،الذين لم يجدوا أي وسيلة ناجعة لإنقاذها ،بعد شاهدوا بأم أعينهم ،كل ما يملكونه يندثر و يتبخر في دقائق معدودة.
معاناة بعض الساكنة المحلية ،تجاوزت الخسائر المادية بكثير ،لتصل الى ضياع العديد من الوثائق الهامة التي تخص ممتلكاتهم الخاصة ،من بينها وثائق سيارات فلاحية و منازل بسيطة و أراضي فلاحية ،يعد محصولها مورد رزق اغلبهم ،مورد رزق و بالرغم أنه لا يستطيع أن يغطي ولو نسبيا من مصاريف عديدة تتراكم عليهم اليوم تلو الآخر الا أنه على الأقل يسد العديد من الأفواه الجائعة التي تنتظر لقمة تسد جوعهم.


و بحسب ما استقاه الموقع الإخباري من عين المكان ،فإن مياه الفيضان ،اقتحمت جميع المنازل المحلية ،التي تحولت الى برك مائية عائمة ،حتى أن بعض الدراجات النارية و السيارات الفلاحية أصبحت في خضم الوضع الكارثي غير صالحة للاستعمال ،بعد أن غمرتها المياه و أفسدت محركاتها ،الامر الذي ضاعف من محنة الساكنة المحلية.
«المعاناة ماشي غير عند ناس الجبل راه حتى حنا كنعانيو واخا قراب للمدينة» ،بهذا التعبير الدقيق ،و الممزوج بالعديد من الآهات و الاحزان ،تحدثت احدى المتضررات للجريدة ،مشيرة الى ان هذا الوضع بعد الفيضان ما هو الا تكريس لمعاناة متواصلة على مدار السنة ،بسبب إهمال المسؤولين عن تدبير الشأن المحلي لأوضاعهم المعيشية ،و وضعهم في آخر سلم التنمية على الصعيدين الاقتصادي و الاجتماعي ،وكذا على مستوى البنى التحتية ،حيث طالبت في نفس الوقت بضرورة وضع حد لهذا الوضع و إخراج الساكنة من حالة الفقر و الهشاشة التي تعيش على وقعها ،و التي تتجاوز في بعض الحالات ما يكابده ساكنة بعض المداشر و القرى بجبال الأطلس.


زيارة مطمئنة
ساعات قليلة على الفيضان الذي عَصف بدوار القراقب ،علم موقع العين الإخبارية أن رئيس المجلس الاقليمي لبني ملال ،محمد حلحال ،حل في زيارة عاجلة لعين المكان ،عاين من خلالها حجم الضرر الذي لحق المنازل و الدور و الممتلكات بالمنطقة ،حيث كانت له لقاءات عديدة مع الساكنة المحلية ،التي نقلت له العديد من المطالب و المتمنيات التي من شأنها ان تخفف عنهم حجم المعاناة التي أصبحوا عليها في ظل هذا المستجد الغير متوقع ،و الذي نغص عليهم اوضاعهم المعيشية بين عشية و ضحاها.
رئيس المجلس الإقليمي لبني ملال ،طمأن الساكنة المحلية خلال نفس الزيارة بتدخل المجلس لرفع معاناتهم ،مشيرا الى أنه سيعمد الى إطلاق مشروع هام متعلق ببناء حاجز قوي و مدروس على جميع المستويات بالدوار ،لتلافي وقوع الكارثة مرة أخرى خلال السنوات المقبلة ،وهو الأمر الذي تلقته الساكنة المحلية بكثير من الآمال ،و روح إيجابية مثمنين في نفس السياق مثل هذه الزيارات التي تبعث الأمل في نفوس المواطنين في ظل حالة التهميش و الإقصاء الممنهج التي تعودوا عليها طيلة سنوات عمرهم بالمنطقة التي يرتبطون بارضها و ترابها كل الإرتباط.
و عبر محمد حلحال ،رئيس المجلس الاقليمي لبني ملال ،في اتصال هاتفي بجريدة «الأحداث المغربية» ،عن أسفه و تأثره من الوضع الذي شاهده خلال زيارته للمنطقة المنكوبة جراء الفيضانات ،مؤكدا أن حالة العديد من المواطنين تدمي القلب بعد أن فقد أغلبهم مقتنياتهم و ممتلكاتهم التي يستندون عليها في حياتهم اليومية ،و عدم قدرتهم في المقابل تعويضها بأخرى ،بإعتبار وضعيتهم المادية الهشة ،مختتما تصريحه بالتأكيد بأنه لن يدخر جهدا في إصلاح ما يمكن إصلاحه ،بغية إعادة الإبتسامة لوجوه الساكنة المتضررة ،التي تستحق أكثر من إلتفاتة ،حسب وصفه.

حقوقيون يستنكرون
إستنكرت فعاليات حقوقية بشدة الوضع الذي آلت اليه الأوضاع بعد الفيضان الذي ضرب المنقطة ،سواء ذلك المتعلق بوادي «أوربيع» و وادي «كيكو» ،او تلك المتعلقة بدوار القراقب بإقليم بني ملال ،مشيرين في هذا الإطار ،و بإعتبار موقعهم الحقوقي ،بأنهم توصلوا بمجموعة من الشكايات تهم بعضا من الساكنة المتضررة جراء السيول التي اتلفت العديد من الممتلكات من بينها زرائب و دواجن و مواشي ،خاصة تلك المتعلقة بالمنازل و الدور المتمركزة على ضفاف الأودية و القنوات المائية.
و أشار حسن حرشي ،رئيس الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببني ملال ،بأن المنظمة الحقوقية التي يشرف عليها سبق أن نبهت الجهات المعنية من منتخبين و سلطات وصية لتحمل مسؤولياتها الكاملة في هذا الصدد من خلال تهيء البنيات بشكل مدروس مبني على رؤية استراتيجية لتفادي تكرار المآسي الموسمية التي تطفوا على السطح تزامنا مع التساقطات المطرية التي تضرب المنطقة.
و طالب حرشي في سياق متصل ،الجهات المعنية بإحصاء المتضررين ،و تدقيق الخسائر ،و وضع خطة تحمل طابع الإستعجالية للتعويض عنها ،مؤكدا أن العديد من المتضررين فقدوا ممتلكاتهم بسبب تناسي الجهات المعنية لأوضاعهم ،وعدم إكتراثها بوضع مخططات عملية كفيلة بتفادي مثل هذه الأنواع من الكوارث الطبيعية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى