ندوة وطنية ببني ملال حول التكوين ومهننته وبناء هوية المدرسة المغربية

العين الإخبارية سعيد فالق
إن تأثير التحولات الاجتماعية والاقتصادية واكتساح الرقمنة كل مجالات الحياة، يضع رهان تكوين المدرسين ضمن أولويات السياسة التربوية العمومية، لمواجهة التحديات المستقبلية بما يضمن للمدرسة المغربية القيام بأدوارها المتمثلة في إعداد أجيال قادرة على الاندماج السريع في مسارات الحياة التي تتطور بشكل سريع.
وغير خاف على أحد، عرف النظام التربوي المغربي، منذ بزوغ شمس الاستقلال، جملة من الإصلاحات التي همت هيكلة وهندسة تكوين المدرسين، وراهنت على توسيع وتنويع وتجويد العرض البيداغوجي للتكوين، وتطوير مهنة المدرس.
ضمن هذه السيرورة يندرج الإصلاح الأخير لمنظومة التربية والتكوين وتحديدا ما يرتبط بمهننة التكوين و إرساء المسارات الجامعية للتربية، إذ سارت الإصلاحات في اتساق مع الاتجاهات الدولية، وفق ما تم التأكيد عليه في الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015- 2030 فضلا عن القانون الإطار 17.51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، الذي نص على وجوب “التنسيق الوثيق بين مختلف مكونات منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ومستوياتها، والاسترشاد بالتجارب الأجنبية الناجحة والممارسات الفضلى في هذا المجال” عبر اضطلاع الجامعة بالتكوين الأساسي للمدرسين، وفي الوقت ذاته، عبر السعي إلى مهننة تكوين المدرسين و تجويد مهنة التدريس.
وفي ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها قطاع التربية والتكوين، صار لزاما مواكبة المدرس مختلف القضايا التربوية التكنلوجية ليؤدي دوره كاملا في أفق تطوير آلياته العملية، وتحقيق التحول المنشود وانخراطه في التعبئة الشاملة التي تشهدها منظومة التربية والتكوين.
وشكلت الندوة الوطنية التي نظمت ببني ملال، أحد المداخل الكبرى للإصلاحات الجارية في منظومتنا التعليمية، وذلك من خلال المداخلات التي قدمت إجابات شافية عن أسئلة راهنت على سيرورات المهننة وإرساء تكوين المدرسين في المدارس العليا للتربية والتكوين وفي المراكز الجهوية للتربية والتكوين وفي المؤسسات التعليمية، وتفعيل التنسيق بين بنيات التكوين الثلاث المذكورة، مثيرة تساؤلات عن تأثيرات هذه السيرورات على الهوية المهنية وتدبير المسارات المهنية للمدرسين.
كما ناقش المختصون التربويون وعلى امتداد يومين كاملين، الآفاق المستقبلية لتفعيل أدوار الفضاءات المشتركة لتكوين المدرسين، والسعي إلى ترسيخ مهننة التدريس، وبلوغ الأهداف القائمة على رصد مرتكزات وغايات واستراتيجيات السياسات الرسمية للنظام التربوي المغربي، والوقوف على التمفصلات (فضاءات وآليات العمل المشترك) والقطائع في التكوين ما بين المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين والجامعات والأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وإبراز درجات التوافق والالتقائية في الخطابات الرسمية حول مهننة التدريس بين الفاعلين التربويين، وتحديدا أصحاب القرار السياسي، الخبراء، المؤسسات المكونة، المتدخلين التربويين، المنظمات النقابية، والجمعيات المهنية، واقتراح آليات عمل مشتركة لتعزيز التعاون والتنسيق بين المؤسسات الثلاث (المدارس العليا للتربية والتكوين والمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين والمؤسسات التعليمية) و بناء الهوية المهنية للمدرسين من خلال سيرورة المرور والانتقال بين فضاءات التكوين المنفصلة والمستق، ورصد إسهام البحث التربوي في تطوير برامج ومشاريع وجودة التكوين ومهننة التدريس.
كما اقترح مختصون في مجال التربية والتكوين من خلال مداخلاتهم في الندوة، طرق تبادل وتقاسم الخبرات بين الأكاديميين، والممارسين التربويين وصناع القرار في مجال التربية والتكوين حول واقع وآفاق مهننة التدريس.
للوقوف على مآل الإصلاحات التربوية التي باشرتها وزارة التربية الوطنية وطرح القضايا التي مازالت النقاش جاريا في شأنها، نظمت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة بني ملال خنيفرة بتعاون وشراكة مع جامعة السلطان مولاي سليمان، بتنسيق مع المدرسة العليا للتربية والتكوين ببني ملال والمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة بني ملال خنيفرة ندوة وطنية في موضوع” تحديات تكوين أطر التدريس، مهننة التكوين و إرساء المسارات الجامعية للتربية وأثرهما في بناء الهوية المهنية للمدرسين والمدرسات وتطور مسار هم المهني” وذلك ببني ملال يومي الثاني والثالث من الشهر الجاري.
وتنبع أهمية الموضوع فيما يطرحه من قضايا ناجمة عن تأثير التحولات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية العميقة على المجتمعات المعاصرة التي تضع مسألة تكوين المدرسين في صلب أولويات السياسات التربوية العمومية، وما يرتبط به من تحديات ورهانات. سعيد فالق