وطنية

نساء حول الملك .. أيادٍ حديدية في قفازات من حرير

 بمناسبة 8 مارس الذي يصادف الاحتفال بعيد المرأة اختارت العين الإخبارية هذا المقال للاحتفاء بالمرأة التي استطاعت أن تتقلد أعلى المناصب لما تمتلكه من قدرات تؤهلها للعب دور ريادي  في مراكز القرار.

كثيرا ما يتم الحديث عن “رجالات الدولة” دلالة على الشخصيات العمومية التي أثرت في تاريخ المغرب ومساره السياسي وكان لها دور رئيسي في رسم إحدى محطاته المهمة. في المقابل قليلا ما يتم الحديث عن “نساء الدولة” اللواتي حظين بمراكز مهمة وأوكلت إليهن مهام كبيرة من طرف أعلى سلطة في البلاد، حيث بصم الملك محمد السادس على تقليد النساء مناصب كانت حكرا على الرجال، انطلاق من المستشار الملكي إلى الوالي.

وحرص الملك محمد السادس، منذ اعتلائه عرش المملكة، على أن يمنح النساء مناصب مهمة كانت، حتى وقت قريب، حكرا على الرجال، بيد أن حصولهن على هذه المناصب لم يأت من فراغ، وإنما بعد أن أثبتن كفاءتهن في مسارهن المهني، واتسمن بالصرامة والحنكة في تدبير الشأن العام.

نساء حزن ثقة الملك، فكن قريبات من محيطه وحظين بتقديره، كما هو الحال بالنسبة للمستشارة الملكية الراحلة زليخة نصري، التي كانت عين الملك على المشاريع التي يطلقها، خصوصا في شقها الاجتماعي، والراحلة آسية الوديع أو “ماما آسية”، التي تقاسمت مع الملك محمد السادس لحظة إنسانية عميقة يحكيها أخوها صلاح الوديع، وذلك لما شاهدت عيني الملك وقد اغرورقتا دمعا بعد سماعه للنشيد الوطني داخل إحدى المؤسسات السجنية، وهي التي كلفت بإدماج السجناء وكانت من الواقفين وراء إطلاق ورش إعادة الإدماج، وصولا إلى الوالي العدوي التي بتعيينها يكون الملك قد أنهى احتكار الرجال لهذا المنصب.

وقد تكون الراحلة زليخة نصري تمكنت من الوصول إلى أعلى منصب تبلغه سيدة في عهد الملك محمد السادس، وهو منصب المستشار الملكي، بل إن الراحلة “محرك” المشاريع المرتبطة بالشق الاجتماعي والتنمية البشرية التي يشرف عليها الملك. ويقول الباحث السياسي محمد شقير إن اعتماد زليخة نصري مستشارة ملكية جاء تتويجا لسياق سياسي عام بدأ مع وصول نساء إلى البرلمان، وتعيين وزيرات في حكومة عبد الرحمان اليوسفي. ومع وصول الملك محمد السادس إلى الحكم، رسخ هذا المسار من خلال إدخال المرأة إلى محيطه القريب؛ أي دائرة مستشاريه.

واعتبر شقير أن ما يجمع بين جميع النساء اللواتي اختارهن الملك محمد السادس لتقلد مناصب مهمة في البلد، سواء تعلق الأمر بزليخة نصري أو آسية الوديع، هو كونهن أثبن كفاءتهن قبل أن يتم تقليدهن مهاما. فمثلا “زليخة نصري عرف عنها كفاءتها العالية في تدبير الملفات ذات البعد الاجتماعي، ومعروفة بصرامتها في تتبع المشاريع التي يدشنها الملك”، يقول شقير، مبرزا أنها كانت عضو مجلس إدارة لأهم مؤسسة اجتماعية، وهي مؤسسة محمد الخامس للتضامن.

وأكد الباحث السياسي أن اختيار آسية الوديع جاء، أيضا، بعد مسارها المهني، وحتى الحقوقي، لكونها تخصصت في ميدان الحقوق وإدماج السجناء الأحداث، “وكان رسالة مفادها أن الملك يعطي اهتماما لتعيين النساء على رأس المناصب العليا وذات الطابع الإشعاعي والعمومي”.

ولفت شقير إلى أن تعيين زينب العدوي له العديد من الدلالات، فبالإضافة إلى كونها أثبتت كفاءتها واستحقت لقب “المرأة الحديدة”، إلا أنه “لا يجب إغفال أن العدوي تنحدر من أسرة عريقة لها علاقات مع المخزن، والنظام الملكي دائما ما يعتمد أسلوب منح أبناء الأسر المخزنية مناصب عليا بعد إثبات كفاءتهم”، بحسب تعبير شقير، الذي شدد على أن رسالة الملك من تعيين العدوي “كانت هي إنهاء احتكار الرجال لهذا المنصب، وأن في عهده لن تكون هناك مسؤوليات حكرا على الرجال دون النساء”.

الباحث السياسي أشار إلى أن الملك يسعى، أيضا، إلى إعطاء النساء فرصة أكبر لإثبات وجودهن، “وهي رسالة إلى الداخل مفادها أنه ليست هناك مراكز حكرا على الرجال، وإلى الخارج تبيّن أن المرأة المغربية لها دور في بناء الدولة وتحظى بثقة وتقدير أعلى سلطة في البلد”، مردفا أن الملك حريص على أن يبرز التطور الذي عرفته المنظومة النسائية المغربية.

وتبقى السمة التي تتشارك فيها جميع النساء اللواتي حظين بثقة الملك وتم تعيينهن في مراكز عليا “هي الكفاءة والصرامة في العمل، لأن تولي مهمة تدبير شؤون الدولة يتطلب الخبرة وتكريس جميع الإمكانيات للقيام بالمهمة على أكمل وجه”، بتعبير شقير.

                                                                                                  هسبريس – أيوب الريمي

 

                                                                   

 

                                                               

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى