ثقافة وفن

الكاتب عز الدين نزهي يتوج ثلاثيته بإصداره مجموعة قصصية جديدة

العين الإخبارية: بقلم سعيد فالق

أشار الكاتب عز الدين نزهي، إلى أن الجزء الأخير من الثلاثية المكونة أساسا من ثلاث مجموعات قصصية، “يوم الإثنين وأيام أخرى 2016” “وأسير مازاغان 2019″ فضلا عن مجموعته الأخيرة ” يجب مغادرة العاصمة 2025 ” يستحضر الرؤية نفسها التي طبعت الجزأين الأول والثاني، وأن الشخصية المحورية التي يجسدها السارد تخترق الأزمنة والأعمار، نجده في المجموعة الأولى طفلا صغيرا وبعدها تلميذا مهذبا يكتفي بمراقبة وتسجيل ما يجري من صراعات الأجيال في العائلة، قبل أن تظهر شخصية زبيدة ابنة عمته، كشخصية متمردة على واقع يتسم بالتناقض من خلال وجود حلفين متضادين أبديا، الأب سيدي الحسن وابن عمه العربي اللذين يرمزان إلى السلطة والحرية معا، في المقابل نجد كتيبة النساء، وتتزعمها الجدة بمعية ابنتها وزوجة ابنها. 

واعتبر الكاتب عز الدين، أستاذ اللغة الفرنسية بجامعة السلطان المولى سليمان ببني ملال، أن كل المشاكل العائلية تمر عبر التيارين المتناقضين اللذين يتحكمان في مصير كل شيء، وهنا يظهر موقف السارد المتشبع بالأدب والفن التشكيلي ليضفي على قصصه لونا من التداخل النصي الأدبي الذي ينصهر مع روايات عالمية باذخة، متلبس بلباس واقع مغربي بسيط مفعم بالمفاجئات.

واسترسل نزهي ، مثلا يحضر الكاتب الفرنسي لوكليزيو (حاصل على جائزة نوبل للآداب) في قصة “التهامي بلوبي” ويكشف كيف يتسلل الأدب إلى قصة إسم  جريح ليعطي الأمل للشخصية الرئيسية التي تعاني تبعات اختيار إسم عائلي في فترة الحماية، معتبرا أن التناص مع الأدب يظهر جليا كذلك في القصة القصيرة ” عش زازو” بعد أن فصل الأب سيدي الحسن عن عمله كميكانيكي داخل المكتب الشريف للفوسفاط بخريبكة إثر نزاع مع المهندس المسؤول، وفي تلك الليالي الباردة، كان الراوي يزور والديه، ولتسليتهم كان يروض روايات لوكليزيو ويجعل منها حكايات تبهر الأب والأم والجدة.

وتابع قائلا، تمر الأيام ويصبح الإبن مهندسا بعد أن عين بمناجم الفوسفاط في بوكراع، لينتقل بعد سنوات إلى الجرف الأصفر قرب الجديدة، ومن هنا تبدأ حكايات يتداخل فيها الأدب، والفن التشكيلي لسرد أحداث أيام عادية لكنها مليئة بالمفاجآت.

كما ركز الكاتب عز الدين نزهي، على سلطة الأدب وقدرته على تغيير مجريات حيوات مغربية في مدن ابن احمد، خريبكة، الجديدة، آسفي. الداخلة، الرباط.

وعن دلالة العنوان” يجب مغادرة العاصمة” يقول  الكاتب إن البعد الأدبي حاضر بكثافة، وتعود أحداث القصة، إلى السنة الأولى التي سجل فيها الراوي موضوع رسالة الماجستير بكلية الآداب بالرباط، تحت إشراف الأستاذ ك، وتمر الأيام ويلاحظ الأستاذ المشرف أن طالبه لم يعد كما كان خلال سنة شهادة استكمال الدروس، بعد أن ابتلعت أضواء الرباط أحلام وشعلة الراوي  الذي لم يعد بإمكانه كتابة ولو سطر واحد، من جهة، العبور إلى أدب القرن العشرين لم يكن بالسلس بالنسبة للشاب المتشبع بالرواية الفرنسية للقرن التاسع عشر، ومن جهة أخرى طبيعة الموضوع، غواية الأشياء في روايات لوكليزيو لم تكن تسعف الطالب، ووعيا منه بصعوبة الموقف، انغمس الشاب في قراءات كتب أستاذه حول المقامات وألف ليلة وليلة ظانا منه أن  منهجية الأستاذ .ك تسعفه في فهم أغوار  أعمال لوكليزيو.

 وبينما يحاول الطالب تجنب لقاء أستاذه، وقعت المفاجأة في لقاء أدبي نظم في مكتبة كليلة ودمنة، و أوحى الأستاذ.ك للراوي بأن يغادر الرباط صوب مدينة ابن أحمد لعل ينبوع الكتابة ينفجر من جديد بعد جفاء عابر.

لكن لظروف ما رجع الطالب توا إلى الرباط، وذات مساء، وبينما كان تائها في الشارع الرئيسي، لمح متجرا لبيع ملابس نسائية، وتذكر قصة قصيرة لأستاذه .ك  مفادها أن الأشياء لها تأثير على الإنسان خاصة حين لا يوليها أهميتها، في الحين ، فتحت أبواب الإلهام أمام أعين الطالب وأخذ القلم وشرع مباشرة في تلك الليلة  في تحرير الأطروحة.

وقدم القاص عز الدين نزهي بكلية امغيلة ببني ملال مجموعته القصصية باللغة الفرنسية ما قبل الأخيرة “أسير مازغان” في شهر أكتوبر الماضي بحضور أساتذة جامعيين في الأدبين الفرنسي والعربي، فضلا عن طلبة الدكتوراه وطلبة ماستر السرد والثقافة ببني ملال.

 وفسح اللقاء الثقافي الذي نظمته المدرسة العليا للتربية والتكوين بشراكة مع مختبر الأبحاث التطبيقية حول الأدب، اللغة، الفن والتمثلات الثقافية المجال الكاتب لحديث عن مجموعته القصية” يجب مغادرة العاصمة” ما ساهم في خلق أجواء ثقافية تميزت بالنقاش الجاد لمجموعة الأخيرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى