ندوة علمية بجامعة السلطان مولاي سليمان حول موضوع” الجماعات الترابية ورهانات التنمية بالدول المغاربي”
البشير المتاقي: مدير مختبر الدراسات القانونية والسياسية
احتضنت الكلية المتعددة التخصصات التابعة لجامعة مولاي سليمان بني ملال الجمعة 13ماي 2022، ندوة علمية دولية حول موضوع الجماعات الترابية ورهانات التنمية بالدول المغاربية، نظمها مختبر الدراسات القانونية والسياسية وشعبة الدراسات القانونية بالكلية بشراكة مع منظمة هانس زايدل.
ويأتي هذا اللقاء العلمي الدولي ليسلط الضوء على الأدوار المتزايدة للجماعات الترابية سواء في التجربة المغربية وفي التجارب المغاربية بإعتبارها شريكا أساسيا للدولة في مواجهة الاختلالات التنموية والمجالية وتحقيق تنمية اقتصادية مندمجة ومستدامة.
وعرف اللقاء العلمي النوعي الذي حضر أشغاله السيد رئيس جامعة مولاي سليمان وعمادة الكلية، فضلا عن رئيس جماعة بني ملال ونوابه و أعضاء منتخبين عن المجلسين الاقليمي والجهوي، وكذا حضور ممثلين عن المصالح الخارجية وفعاليات المجتمع المدني ومنابر إعلامية محلية ومنظمات غير حكومية إيطالية، إذ أشادوا باحتضان الكلية لهذا اللقاء العلمي الدول المتميز الذي يقارب موضوعا ذا راهنية قصوى يتشارك همومه مختلف الفاعلين كل من وجهة نظره والدور المنوط به للنهوض بدور المؤسسات الترابية المنتخبة في الاستجابة للمطالب المعبر عنها من طرف الساكنة.
وقد شهد هذا اللقاء العلمي الدولي مشاركة وازنة للعديد من للأستاذة الباحثين في مختلف الجامعات المغربية فضلا عن مشاركة أساتذة من الجامعات المغاربية من تونس وموريتانيا إلى جانب حضور مهتمين وممارسين للشأن العام الترابي، إلى جانب حضور وتفاعل العديد من الطلبة الباحثين المهتمين بالقضايا المتعلقة بالجهوية والحكامة والتنمية الترابية، ساهموا في النقاش الدائر بشكل تفاعلي للتفكير الجماعي في واقع وأفاق تعزيز الدور الاستراتيجي للجماعات الترابية و تحقيق أهداف التنمية الترابية.
وفي الجلسة الافتتاحية التي شهدت كلمة للسيد رئيس الجامعة مولاي سليمان إستهلها بالترحيب بالضيوف الكرام، وكذا بالتنويه بأهمية الملتقيات العلمية في المساهمة في إشعاع الجامعة وتعزيز إنفتاحها وتأثيرها في محيطها الخارجي، مشيرا إلى كسب رهان التنمية الترابية في مختلف أبعادها يعد هدفا مشتركا لمخلف الفاعلين العموميين الدولة والجماعات الترابية وكذا المؤسسات الجامعية، مبرزا الدور الكبير الذي تلغبه الجامعة من خلال البحث العلمي في تحقيق التنمية والتقدم والازدهار، ولجنة قيادة النموذج التنموي الجديد التي ضمت أستادة من مختلف الجامعات المغربية خير دليل على الدور المحوري الذي يقدمه البحث العلمي في تقديم نماذج إرشادية جديدة للتنمية.
وقد شهدت الجلسة العلمية الأولى من هذا اللقاء المغاربي، تقديم مداخلات قيمة انصبت في مجملها على إبراز مركزية حضور خيار الجهوية المتقدمة في الخطاب السياسي المغربي بإعتبارها سياسية عمومية ترابية وخبار استراتيجي يهدف إلى اصلاح الدولة وتحقيق التنمية من القاعدة، كما أكدت الأوراق العلمية على أهمية الدور التنموي الذي أصبحت تقوم به الجماعات الترابية كبنيات إدارية – سياسية في ضوء الدستورية والقانونية في الدول المغاربية، وذلك من خلال تحليل مساهمة المبادئ الجديدة التي يرتكز عليها التدبير الترابي كالتدبير الحر، والتفريع، و التعاون، و التضامن، و المشاركة في تمكين الجماعات الترابية من القيام بوظائفها التنموية في مجال تقديم خدمات القرب، ورسم المخططات التنموية –برامج عمل الجماعات الترابية- ، وجلب الاستثمار،وإنتاج الثروة، وخلق فرص الشغل بهدف تحسين وضعية عيش الساكنة إقتصاديا وإجتماعيا وبشريا.
وفي الجلسة الثانية، تركزت مضامين الأوراق العلمية المقدمة على أهمية الحكامة الترابية كدعامة أساسية للنموذج التنموي الترابي الجديد، واتفق المتدخلون على أن تفعيل الحكامة الترابية من خلال اللاتمركز الإداري، والديموقراطية التشاركية، والتقطيع العقلاني للتراب ونظام الحكم الذاتي، آليات تتفاعل من أجل الوصول إلى محاورة المنتفع (المواطن، المرتفق، ، الزبون، الفاعلين الخواص…) بمقاييس الجودة، الفعالية، السرعة والمردودية على قاعدة مشاركة وتواصل الجميع، أو المعنيين على الأقل في صياغة وتحقيق الخدمة المطلوبة.
أما الجلسة العلمية االثالثة التي خصصت لمقاربة النظام المالي للجماعات الترابية ودوره في تحقيق التنمية، فقد أجمعت مضامين المداخلات على أهمية الإصلاحات التي عرفها نظام تدبير الأداة الموزنية التي أصبحت تخضع لمنطق تدبيري حكماتي جديد يرجح منطق التدبير بالأهداف والنتائج على منطق التدبير بالوسائل الذي لم تترتب عنه آثار سليمة في مجال تدبير التنمية، بفضلا عن تحليل نسب مساهمة الموارد المالية المرصودة للجماعات الترابية الذاتية و الاستنائية في تمويل مشاريع التنمية الترابية.
وقد خلصت المداخلات إلى محدودية الموارد المستحقة للجماعات الترابية ، مستندة على الملاحظات الواردة في تقارير المؤسسات الرسمية، ما يتطلب الإسراع في إصلاح النظام القانوني للجبايات الترابية لتمكين الوحدات الترابية من الموارد اللازمة لتحقيق إستقلالها المالي، بالإضافة إلى البحث عن مصادر تمويل مبتكرة من قبل التعاقد، التعاون اللامركزي الدولي، الاقتراض من أسواق المالية.
وفي الجلسة الرابعة والختامية لهذا الملتقى العلمي الدولي، تركزت مداخلات المشاركين على توضيح أهمية نظام الرقابة المطبق على مستوى الجماعات الترابية في مواجهة المخاطر الإدارية والمالية، وأشر المتدخلون على أن نظام الرقابة عرف تطورا مهم في ضوء الإصلاحات القانونية في الدول المغاربية، حيث اتجهت جل التشريعات على التخفيف التدريجي من أشكال الرقابة القبلية التي تمس بالحرية التدبيرية والاستقلال المالي للجماعات الترابية، في مقابل تشديد أشكال الرقابة البعدية والقضائية التي تعد ألية مهمة لتكريس ربط المسؤولية بالمحاسبة، ثم تبني أساليب رقابية جديدة تساعد الجماعات التي تحسين أنماط التدبير الاداري المعتمدة بها من قبيل نظام الافتحاص الداخلي، المراقبة التراتبية، تقييم السياسات العمومية.
وفي ختتام هذا المؤتمر العلمي الناجح بكل المقاييس العلمية والمهجية والتنظيمية، شكر السيد مدير مختبر الدراسات القانونية والسياسية الأستاد البشير المتاقي الشكر للجهات المنظمة لهذه الندوة العلمية رئاسة جامعة مولاي سليمان وعمادة كلية الحقوق وممثلي منظمة هانز زايدل ومختلف الفاعلين العموميين على دعم هذا الملتقى العلمي الذي يعزز انفتاح الجامعة على محيطها وتعزيز دورها في خدمة التنمية، كما تقدم بالشكر للأساتدة المشاركين من مختلف الجماعات المغربية والمغاربية وكذا الباحثين والمهتمين الذين حجوا إلى الكلية المتعدة التخصصات للنقاش والتفكير الجماعي في السبل التي تمكين الجماعات الترابية من كسب رهاناتها التنموية.